إتساع الخيارات
Dec 07, 2018إتساع الخيارات
تعلمت ذلك المفهوم من معلمي صلاح الراشد منذ خمس سنوات تقريبا، لكني أدركت ذلك المعنى بعمق اليوم كأني أعيد اكتشافه ... فشعرت بالراحة والاتساع من جديد ... وكأن شيئا قد اكتمل.
معظمنا يرى الحياة أبيض وأسود .. أو ربما ثلاث أو بضع خيارات محدودة. تمر بمشكلة ما وينحصر تفكيرك بين خيارين لا ثالث لهما، ترى شخص يقوم بسلوك ما يبدو غريبا بالنسبة لك فتحكم عليه بشكل تلقائي أنه على خطأ، والكثير من الأمثلة في الصراعات والجدالات والأحكام المفرغة التي تحدث كل لحظة على وسائل التواصل وفي السياسة والدين وإلخ ...
دعونا نتأمل المشهد من أعلى ...
ما الذي يحدث هنا؟
لماذا يحكمون على بعضهم؟
لماذا يحصرون أنفسهم فيعانون؟
لماذا كل منهم على يقين تام أنه على صواب؟؟!
يبدو أن هناك برنامجا قديما بداخلنا يدفعنا كل لحظة لنبرر أننا على صواب.
يبدو أن هناك جزء منا يشعر بالأمان الزائف عند إصدار الأحكام وحصر الخيارات.
أو ربما وظيفة العقل هي إمدادك بالأدلة والبراهين الملموسة على كل فكرة تعتنقها؟
ماذا لو تخليت قليلا عن قبعة أفكارك وضيق مسارك؟
ماذا لو شاهدت الحياة على أنها مجال لا محدود من المسارات؟
ماذا لو كانت الفكرة التي تؤمن بها الآن لا تناسبك غدا؟
ماذا لو كان معتقد تبنيته منذ نعومة أظافرك هو مصدر تعاستك؟
يبدو أن التعددية والاتساع من سمات الحياة ... يبدو أن الحياة لن تعارضك في أي مسار تختار ... والعقل دائما سوف يثبت لك صحة ما تتبناه.
من أين أتيتم بتلك اليقينية الهشة عن نشأة الكون ونهايته؟
كيف لك أن تحكم على من لم يؤمن بفكرتك أنه في النار؟
ماذا تعرف عن الجنة والنار والموت والحياة؟
ما هي معرفتك إلا تراكمات محدودة من شظايا المعلومات؟
ماذا تسوى معرفتك في عمر المجرات؟
من أنت حتى تزعم أن لك هوية منفصلة قائمة بذاتها عن هذا العالم؟
من أنت حتى تزعم أنك وصلت للإجابات وتعرف كل شيء عن الحيوات السابقة واللاحقة ولديك مفاتيح الألغاز؟؟!
أشعر بالارتياح والتحسن عند ممارسة تلك الرياضة.
أشعر بالشبع عند تناول تلك الوجبة.
أشعر بالاستمتاع عندما أتواصل مع ذلك الشخص.
أرتاح لتبني تلك الفكرة وتأتي بنتائج مفيدة.
وغدا قد لا أرتاح .. وقد لا أستمتع.
الحقيقة أنني لا أعرف ... ولا أعرف إذا كانت تلك هي الحقيقة؟
لكن ربما تجربتي تخبرني أن هذا ما يناسبني الآن ... ولهذا أختار .. أو أظن أني أختار!
وحتما لا أعرف ما بداخلك ... وحتما لن أحصر خياراتك في تجربتي.
وبعد كتابة هذا المقال الرائع قد يعترضني شخص بالسيارة فأشعر بالغضب وأحكم عليه ... أو أرى أناسا يحكمون على بعضهم فأصنفهم بالأسماء ... لكنني حقا لا أمانع أن أفعل عكس ما أقول أحيانا ... ولن أؤجل الحياة حتى أصبح قديسا ... أو حتى أعرف ...
الآن أعرف أنني استمتعت بكتابة هذا المقال .. وأنتظر التعليقات واللايكات والتشييرات ... وإن في هذا لوفرة واتساع في الخيارات
إهداء للكبير #صلاح_الراشد