الإنسان الزومبي ليس إنسانا وليس زومبي؛ هو إنسان لا يدرك أنه زومبي، وهو زومبي يعتقد أنه إنسان. يعيش في مستنقع الأفكار المتطرفة تحت مسمى الدين والعلم. مغيب عن الواقع ويعتقد أنه يملك الحقيقة، متبرمج على أفكار الآباء والأجداد ويعتقد أنها آرائه، ليس لديه آراء شخصية لأنه مسلوب الإرادة ومغيب عن الوعي.

يتغذى الإنسان الزومبي على طاقة إخوانه البشر عن طريق جذب انتباههم إلى معارك السفسطة العمياء واستفزاز نفوسهم واستثارة قيمهم بالآراء المشوهة. متطرف وساذج لا يفهم الوسطية، يرى العالم كله صنفين: معه وضده. إذا لم تكن معه فأنت ضده وسيحاول جاهدا بكل الوسائل استدراجك لأرض المعركة الوهمية حتى يضمك إلى صفوف الزومبي، وإذا لم تكن ضده فأنت معه وسيستخدمك لتعزيز مواقفه ضد خصومه. تقبل الآخر ليس خيارا بالنسبة له، إذا ذكرت أمامه كلمة “تقبل” فهو تلقائيا يحترق وسيعتبرك أنت الآخر، أي خصمه وسيبدأ في شن الهجوم عليك، فهو مغيب لدرجة قد لا يستطيع عقلك تصورها؛ يعتقد أنه محايد ووديع ويملك الحقيقة المطلقة ويرى كل من هو محايد وكل من يخالفه الرأي على أنه زومبي.

أخطاء شائعة في التعامل مع الإنسان الزومبي:

-التفاعل:
من أكبر الأخطاء الشائعة في التعامل مع الإنسان الزومبي هو التفاعل معه داخليا أو خارجيا -بالإيجاب أوالسلب- والاستجابة لفرضياته المستفزة. فتلك الفرضيات يطلقها الإنسان الزومبي على هيئة جمل ومنشورات وعبارات تحتوي على الهراء المنمق والهري الممنطق، وهي بمثابة الطعم الذي يجذب به فرائسه المساكين في مصيدة الزومبي، حيث إنه قد يشعرك بالخزي المزيف ويضعك في معضلة أخلاقية إذا لم تستجب لهرائه مدافعا عن قضية أخلاقية.

الإقناع:
والخطأ الأكبر في التعامل مع الإنسان الزومبي هو التحاور معه ومحاولة إقناعه بالعقل والمنطق كأنه إنسان عاقل وواعي يدرك الأسباب والنتائج. وتلك المحاولة هي بمثابة إقناع زومبي “من بتوع الأفلام” أن يهدأ ويتناول الكابتشينو، أو كمحاولة إقناع حيوان مفترس آكل للحوم أن يتناول الجرجير والخس. فهل ستفعل ذلك؟؟

كيف تتعامل مع الإنسان الزومبي؟

-اخرج من طريقه:
تذكر جيدا أن أي محاولة للتفاعل المباشر مع الإنسان الزومبي ستحولك أنت إلى زومبي آخر وتحقق له غايته. دون أن تدرك وبينما تظن نفسك تدافع عن قضية أخلاقية وتحاول أن تنصر الحق، ستجد نفسك تصرخ وتتعصب وتحكم وتسب وتلعن وتفعل كل ما يفعله الزومبي! لذلك فالحل الأمثل هو تجاهله من البداية وعدم الإنصياع لألاعيبه الزومبية الدنيئة. تجنبه وخذ نفسا عميقا وركز في طريقك وأهدافك ولا تهدر طاقتك من البداية.

-الردع:
وماذا إذا كان الإنسان الزومبي أقرب إليك مما تظن؟ نعم .. قد يكون مختبئا بين أصدقائك وفي بيتك أو في مكان عملك! قد تكون مضطرا للتعامل المباشر معه يوميا، وقد يتعرض لك بالأذى النفسي أو الجسدي المباشر!

في حالة الأذى الجسدي والنفسي المباشر لا يوجد أمامك حل سوى الردع؛ أي اتخاذ موقف قوي وواضح ومباشر يفاجئ الإنسان الزومبي ويضع حدا لسلوكياته. وهذا ليس سهلا دائما وقد يحتاج لكثير من التدريب على التوازن النفسي والحفاظ على الهدوء الداخلي وعدم السماح للآخرين باختراق طاقتك من خلال ممارسة التأمل، والردع الجسدي باستخدام الفنون القتالية. إنها نقطة توازن دقيقة بين الاستسلام والعنف، إنها فلسفة التعامل بحكمة مع الطاقة النفسية والجسدية، وهذا يأتي بالتدريب أولا على التوازن الداخلي بهدوء الأفكار والمشاعر واسترخاء الجسد.

لا تكن زومبي:

وأخيرا وليس آخرا، لا تكن أنت الزومبي! تقبل الآخرين كما هم، تقبل أن الحياة مبنية على التناقض والتكامل وتنوع الأفكار والأشكال والأجناس والسلوكيات والعلوم والفنون والفلسفات. تقبل أن الحياة مبنية على اتساع الخيارات فلا تضيقها على نفسك وتعيش مش عايش كالزومبي التعيس. اختر الطريق المناسب لك وكن مرنا. لا مانع من مراجعة أفكارك وتطوير معتقداتك، لا مانع من التعلم المستمر والانفتاح والاستماع للكل مع اختيار ما يتناسب مع مرحلتك وفكرك ووعيك وقيمك. ولا مانع من تقبل أن الآخر له الحق في الحياة والحرية واختيار طريقه تماما مثلك. ولا تحكم على الآخرين أنهم زومبي قبل أن تروض الزومبي الكامن بداخلك …