عواقب العنف
Nov 25, 2020عواقب العنف
امبارح شفت اتنين في الشارع بيتخانقوا فوقفت أتفرج على غير العادة من باب التغيير والفضول. سبب الخناقة إن واحد قفل على التاني بعربيته وهو قاعد في العربية، ولما التاني طلب منه إنه يحرك العربية أكتر من مرة الراجل تجاهله تماما، فالتاني طبعا اتعصب وانفعل وبدأ يصيح ويشتم والناس اتلمت وأنا زهقت ومشيت ...
النهارده كنت بشتري ساندوتش بطاطس من مطعم ... وبعد شوية بسأل الراجل الساندوتش جاهز ولا لا؟ سألته 3 مرات وسألت كذا حد من العاملين بلا أي رد وكلهم في حالة تجاهل تام! بدأت أضايق وكنت هبدأ أنفعل وأعلي صوتي لولا إني قفشت نفسي في اللحظة الأخيرة واكتشفت إني كنت هكرر بشكل لا واعي نفس الموقف الـ شفته امبارح بالظبت في الخناقة! ورد الفعل ده مش بتاعي ومش نابع مني، فالتزمت الصمت وواحد منهم رد عليا والموقف مر بسلام.
لمشاهدة الخناقات ومشاهد العنف والتفاعل معها شعوريا في الواقع أو على الشاشة خطورة كبيرة جدا أكبر من استيعابنا!
كل مشهد بتشوفه وبتتفاعل معاه شعوريا عقلك وجسمك بيصدق إن الموقف ده حقيقي وبيحصلك انت، حتى لو كنت بتتفرج على شخص تاني وحتى لو كانت لعبة وحتى لو كنت عارف بعقلك الواعي إن ده مجرد تمثيل، عقلك اللاواعي بيعيش المشهد وبيتفاعل معاه بشكل كامل ومشاعر العنف هتفضل متخزنة جواك وهتطلع بشكل تلقائي في أول موقف يقابلك "شبه الموقف الـ انت شفته" ويستفز المشاعر دي جواك فتبدأ تكرر نفس المسرحية.
"ده مجرد فيلم"
"ده مجرد لعبة"
"ده مجرد خيال"
"ده مجرد أغنية"
كل دي جمل بنضحك بيها على نفسنا لأن عقلك اللاواعي ميعرفش يفرق بين الواقع والخيال. وكلنا عندنا خلايا عصبية اسمها "الخلايا المرآتية"
mirror neurons
لأنها عاملة زي المرآة بتعكس سلوك الآخرين ومشاعرهم وتخليك تتعاطف معاهم وتحس بكل حاجة بيمروا بيها كأنهم انت. وجود الخلايا دي في الأصل شيء إيجابي عشان نحس ببعض ويكون في رحمة وتواصل بيننا، لكن لما بنتفرج ونتفاعل مع أحداث ومشاعر سلبية كتير بيكون الضرر كبير جدا لأنك بتحس بكل حاجة سلبية بيشوفوها وبيمروا بيها وتخزنها جواك وتبدأ تخرجها بشكل مؤذي في أقرب فرصة.
نتعامل ازاي؟
قدر الإمكان تجنب مشاهدة أي أفلام ومسلسلات مبنية على العنف لأنك هتتأثر بيها وهتعمل زيهم عاجلا أم عاجلا بشكل أو بآخر مهما افتكرت نفسك واعي وبرنس ومش بتتأثر بحاجة.
تجنب الألعاب العنيفة المبنية على القتل والسرقة والعنف، ممارسة الألعاب دي ممكن يكون أخطر من الأفلام كمان لأنك بالفعل بتندمج فيها بالكامل وبتنخرط بكل حاجة بنفسك. وده حاجة أنا عملتها تلقائيا مع رحلة الوعي رغم إني بحب الألعاب الإلكترونية من زمان ولا زلت لكن بطلت ألعب أي حاجة مبنية على العنف.
درب نفسك على مشاعر الحيادية ... انك تكون حيادي ومتتفاعلش داخليا حتى لو اضطريت غصب عنك تشوف خناقات أو حاجات فيها عنف، وده موضوع بيحتاج تدريب وبيساعد فيه ممارسة التأمل.
ركز على الجمال والحب والبهجة والسلام والمشاعر والأشياء الجميلة واستخدم مع نفسك ومع الآخرين كلمات فيها لطف بدلا من التركيز على العنف والتعامل مع عقلك وجسمك بطريقة عنيفة.
عارف إن التخلي عن العنف مش سهل لأنه أصبح إدمان وجزء كبير من أسلوب حياتنا وألعابنا وومسلسلاتنا العظيمة، لكن مهم تكون واعي بتأثير المدخلات المختلفة الموجودة في حياتك وبتدخلها للسيستم بتاعك، والاختيار ليك عايز حياتك تملاها عنف وغضب وحزن ولا حب وسلام وبهجة