منها فيها
Mar 31, 2018منها فيها
أجمل حاجة في الحياة انها منها فيها؛ مفيش يافطة معاك مكتوب فيها الـ score بتاعك كام، مفيش مدير يقولك انت وصلت لليفيل كام وباقليلك قد ايه، مفيش حد مسؤول يقولك حتى انت نجحت ولا فشلت وانت كدة ماشي صح ولا غلط.
كلنا لقينا نفسنا هنا فجأة، محدش نزل بمفتاح سحري أو شفرة يكتبها فيعدي. حاولنا نعمل أنظمة كتير نعرف بيها أي حاجة ونحدد اتجاهنا، من امتحانات مدارس لكتب لقوانين دول لشروط مختلفة في كافة نواحي الحياة، بس في الحقيقة كلها مجرد اجتهادات وافتراضات مش أكتر. وكلها ليها منافع بس كلها فيها ثغرات وهتفضل تتغير وتتطور بتغير الزمان والمكان.
سبب تعبنا ومعاناتنا اننا بنفترض ان الأنظمة دي حقيقية ومطلقة، اننا بنصدق القواعد والقوانين الـ احنا أصلا حطيناها وحطها ناس زينا من خبرتهم المحدودة والكام سنة الـ عاشوها ع الكوكب. على فكرة الكوكب والكون والحياة أكبر من خبرة أي واحد فينا وأوسع من تراكم كل خبراتنا مع بعض وخبرة اخواتنا القرود والمعيز والفيلة. ولحظة ما بتصدق في بني ادم أوي ان هو ده الـ عارف كل حاجة، أو بتصدق في نظام سياسي أو ديني أو علمي إن هو ده الـ هينجيك وهو ده الحقيقة الوحيدة وكل الباقي غلط، انت كدة منعت نفسك عن التطور وحشرت نفسك في أوضة ضلمة ملهاش وجود بس انت مصدق انها موجودة، مش وكدة بس ... انت كمان أنكرت وجود أي حاجة براها! وده بيعزلك عن الحقيقة ويدخلك في متاهات انت في غنى عنها.
الحياة منها فيها. أكتر حاجة حقيقية هي هنا ودلوقتي. ممكن تفضل تفترض ان كل ده وهم بس لو صوَت في ودنك هتوجعك، ولو حد ضربك على ايدك هتتألم، ولو كلت أكل غير صحي هتتعب ولو مكلتش خالص هتتعب ولو فضلت كاتم نفَسك جسمك هيجبرك تتنفس. قول براحتك إن كل ده وهم بس كلامك هيكون مجرد كلام مالهوش لزمة لأن في حقيقة أقوى منك بتحصلك وهتفضل تحصلك لحد ما تعترف بيها! أكتر حاجة حقيقية هي الـ بيحصلك دلوقتي، بتعمل سلوك معين فبتلاقي نتيجية بديهية وحقيقية. بتزق الكرسي فبيتحرك، بترمي الموبايل فبيقع، بتجوع فبتاكل وبتاكل فبتشبع. الحياة منها فيها: فعل ورد فعل. كل فكرة ومشاعر وسلوك بيطلع منك له صدى وتأثير في العالم بتاعك. الحياة كل لحظة بترد عليك وبتعكسلك الـ جواك، أحيانا من خلال ناس بتقول حكم أو موقف يحصل أو قطة معدية أو شجرة واقفة أو سما صافية أو بتمطر، كل لحظة الحياة بتكلمك وبتعلمك على فكرة. هل انت صاحي لده؟ هل انت يقظ لرسائل الحياة وبتراقب وتتعلم؟ ولا عايش في افتراضات قالوهالك ووعود ادوهالك؟؟
أول ما تلاقي نفسك تعبان وفي مقاومة وتعقيد وعرقلة، افتكر فورا ان في حاجة جواك محتاج تفهمها، افتكر ان الحياة بترد عليك بالموجود جواك، ولو الموجود جواك مخليك تعيس ومتوتر، يعني الحياة بتقولك: "اهدى واتعلم". الحياة عايزاك تتطور وتبدل أفكارك ومشاعرك وسلوكك عشان النتيجة ورد الفعل يختلف. أما انكار الواقع الحاضر في سبيل فرضيات وطموحات وهمية مش هيوديك في حتة. احساس السلام والانسجام وتجلي الوفرة في حياتك بكل جوانبها وأشكالها هو نتيجة طبيعية لسريانك مع تيار الحياة واستيعابك لقوانينها ومكافئتها ليك. أما التمسك بنفس الأفكار والأفعال مع توقع نتيجة مختلفة فده قمة التدمير الذاتي. الحياة أبسط وأعمق وأجمل من كل الهري الأنا قلته ده ... خليك صاحي وعيشها واستمتع ...